كتاب جهاز المناعة الأيديولوجية pdf – عادل مصطفى لماذا يرفض معظم الناس قبول التفسيرات الجديدة المدّعمة بالأدلة العلمية الصحيحة؟ الجواب واضح وقاطع : جهاز المناعة الأيديولوجية الذي يلفِظ أي أفكار جديدة لا تتفق مع أفكارنا القديمة، ويحمينا من الأفكار الثورية الجديرة بتقويض أي من أفكارنا الأساسية: مقدماتنا وفروضنا المسبقة ومفاهيمنا الراسخة وتحيّزاتنا المكينة.
عندما يبلغ المرء ما يسمّى سن الرشد يكون قد تمت أدلجته وتكون مقدماته قد اجتمعت وترسخت اثناء سنوات التكوين ، بناء على مصدر سلطوي(الأساتذة، الكتب ، الخبراء… ) ويكون التخلي عنها صعباً مؤلما. عندما تلقى إحدى مقدماتك الأساسية تحدياً خطرا فإن جهاز المناعة لديك يُستفزّ ويتدخل ولديه هدف واحد : الدفاع من أجل الدفاع
ومادامت الفكرة الجديدة مؤيدة بالأدلة العلمية الصحيحة ؛ فإن من واجبـنـا ( الفكري والأخلاقي ) أن نثبـط لـهـا مـن جهـاز مـنـاعتنـا الأيديولوجية ونتقبلها كتفسير أفضل للظاهرة . علينا أن نعي بجهاز مناعتنا الأيديولوجية ونشد به إلى حيز الشعور ، فنحكمه ولا يحكمنا ، ونملكه ولا يملكنا . ومن اقتصاد الجهد والوقت أيضا أن نصرف جهودنا إلى تربية نشء جديد على المنهج العلمي والفكر النقدي وتقديس الدليـل . فالمؤدلج المسن ، الـذي تربى في حجـر الخـرافة والتفكيـر السحري ، هو ضلع أعوج لا سبيل إلى تقويمه ، ومن ادخار الطاقة أن تترك ورقته الذاوية في ذمة الريح . أما البراعم الناشئة فهي الملاذ والأمل . دع المؤدلجين الكبار يموتون على خرفهم الواحد تلو الآخر وينشأ جيل جديد منذ البداية على تقبل التفسير العلمي للظواهر دون مشقة. جديد ودون عناء .