تحميل رواية مدينة الله – حسن حميد PDF
رواية مدينة الله – حسن حميد
هنا، في القدس، لا تدري في أي وقت تتعالى التكبيرات ودقات النواقيس، كما لا تدري من أي الجهات تأتي الروائح الطيبة، ومن أين يتوافد الناس وأصحاب العربات والسلال، وكيف تجري الأسواق والحارات بعضها نحو بعض، وتتلاقى مثل السواقي، هنا تسلم روحك للشوارع، فتماشيك الظلال والأنسام، وتباريك الوجوه التي تشبه أرغفة الخبز، ويدور بك التلفت والانتباه والصحو كي تلفك غواية المكان، وكي تظل على مبعدة كف من غيبوبة الافتتان.
أصارحك بأنني مدهوش، ومسحور، أجلس وأمشي، وأنا في خدر مشتهى أتمنى أن يطول، أشعر كأنني أرى ولا أرى، وأحس بأن ضباباً أبيض فضياً يكاد يغشي المدينة، فتستدير الهالات هنا وهناك، وتتعالى في أرجحة كأنها مشدودة إلى حبال خفية تحجبها الغيوم.