تحميل رواية كلهم مصطفي أبوحجر pdf للكاتبة ألاء حسن
للكاتبة ألاء حسن
كان دائمًا ما يشرأب ويرتفع بعُنقه إلى السماء، باحثًا عن نجمة لامعة تهديه وتُرشده طريق الوصول إلى مُبتغاه، ورُغم ذلك نادرًا ما كان يكتفِ بواحدة، فما تلبث عدستيه التقاط جديدة أكثر إشعاعًا حتى يلهث خلفها بكل كيانه تاركًا الأولى من وراءه مُهملة فتخفت بحُزن وتتضاءل حتى تُظلم وتختفي وكأنها لم تولد يومًا، إلى أن صادف مرمى بصره ذات يوم إحداهُن وخطفت نظره بوهجها المُتأجج ونيرانها المُضرمة فتجلت وكأنها أكثرهن تمُيزًا وأبرعهن سطوعًا ..
لقد كانت هي النجمة الكُبرى بالنسبة إليه، كنزه الثمين الذي لن يقدر على تعويضه يومًا، كانت بمثابة ذلك السر السرمدي الخالد الذى يُضيء الكون بضيائه، الشمس التي يشع نورها فتُمهد له دربه، لذا اتبع مدارها دون تفكير وطاف في فلكها كالمجذوب مُتناسيًا ما سبقها من نجمات صغيرة، مُتأملًا أن تُهديه سرها في البقاء وطاقتها التي لا تنفد ..
لذا اقترب أكثر وأكثر ليستمد منها القوة والدفء عله يُنير ويُصبح نجمًا خالدًا هو الآخر يسطع بقوة في السماء إلى أبد الآبدين، فدفعه غروره لتخطي وتجاوز حواجز الأمان التي طالما وضعها لنفسه مُستمتعًا بحرارتها التي تحتويه وعناقها الذي تختصه به، حتى هيأت له نفسه ذات يوم بأنه يستطع أن يحل محلها ويُضيء العالم بأكمله عوضًا عنها، لكنه وفي لحظة من لحظات اختياله بحاله وتبختره بذلك الوهج البسيط والبريق الزائف الذي بدأ بالخروج منه، تناسى بل غفل عن قُدرتها على إحراقه وإبادته إذا ما حاول إطفائها أو تدميرها، فهي بالنهاية جذوة مشتعلة من الجمر وقبس من لهب لا ينطفأ ..