ظهرت أول حالة إصابة بشلل الأطفال في صيف ذلك العام باكراً في أوائل شهر حزيران، بعد حلول يوم الذكرى، في حيٍّ إيطاليٍّ فقير يقع على الطرف المقابل من البلدة حيث كنا نعيش.
في الزاوية الجنوبيّة الغربيّة من المدينة، في القِطاع اليهوديّ المنفصل، لم نسمع أيّ شيء عنها، ولم نسمع أيّ شيء عن الإصابات العديدة المنفردة التي ظهرت في أرجاء نيوارك في كل الأحياء تقريباً ما عدا حيّنا. ولكن بحلول الرابع من شهر تموز، عندما سُجِّلَتْ أربعون حالة إصابة في المدينة، ظهرتْ مقالة على الصفحة الرئيسة من صحيفة المساء، تحت عنوان «وزير الصحّة يُحذِّر الآباء من مرض شلل الأطفال »، وفيها وردَ أنَّ الدكتور وليم كيتل، مدير الهيئة الطبّية، يُحذِّر الآباء بوجوب مراقبة أطفالهم وبالاتصال بالطبيب إذا ما ظهرت على أطفالهم أعراض الصداع، التهاب الحلق، الغثيان، تيبُّس العنق، آلام المفاصل، أو الحمّى. وعلى الرغم من أنَّ الدكتور كيتل اعترفَ بأنّ أربعين حالة إصابة بشلل الأطفال هي أكثر من ضعف ما يُبلَّغ عنه في المعتاد في مثل هذه الفترة المبكّرة من موسم مرض شلل الأطفال، فإنه أراد أنْ يكون مفهوماً بكل وضوح أنَّ المدينة التي تعداد سكّانها 429,000 نسمة لا تعاني البتّة ممّا يمكن وصفه بوباء شلل الأطفال.
وفي هذا الصيف كما في كل صيف، هناك سبب للقلق ولاتخاذ الاحتياطات الصحيّة المناسبة، ولكن حتى الآن لم يحدث ما يستدعي انتشار ما يُشبه الفزع الذي أبداه الآباء، «وبصورة مُبرَّرة جداً »، قبل ذلك بثمانية وعشرين عاماً، خلال أعظم تفشٍّ للمرض سُجِّلَ قاطبة – وباء شلل الأطفال في عام 1916 في الجزء الشمال الشرقي من الولايات المتحدة، حيث سُجِّلَتْ أكثر من 27000 حالة إصابة، و 6000 حالة وفاة. وفي نيوارك سُجِّلَتْ 1360 إصابة و 363 حالة وفاة. والآن، حتى في عام سُجِّلَ فيه رقم عاديّ من الحالات، وخُفِّضَتْ فُرَص العدوى بشلل الأطفال كثيراً عمّا كانت عليه في عام 1916 ، فإنَّ مَرَضاً شالاً يترك الصغار عاجزين ومُشوّهين أو غير قادرين على التنفُّس من دون أنبوبة جهاز تنفُّس معدنيّة تُعرَف باسم الرئة الحديديّة – أو يمكن أنْ ينتقل من شلل عضلات الجهاز التنفُّسي إلى الموت – سبَّبَ للآباء في حيِّنا خوفاً هائلاً وعكَّرَ صفو الأطفال الذين تحرَّروا من المدرسة خلال أشهر الصيف وبات في استطاعتهم أنْ يلعبوا خارج المنزل طوال النهار وحتى الأمسيات التي تصبغها حُمرة الشفق.