رواية ثلاث سويديات في القاهرة pdf آن إيديلستام
هذه قصة حقيقية، ترويها الحفيدة “آن” ببراعة، ساردة للقارئ كيف استطاعت جدتها “هيلدا” وأمها “إنجريد” وهي بعدهما اكتشاف مصر، بداية من عشرينات القرن الماضي وحتى عام 2011، كاشفة عن سمات المجتمع المصري وتحولاته، من خلال السويديات الثلاث، اللاتي يمثلن ثلاثة أجيال مختلفة، ساقهن القدر للحياة في مصر، ومن خلالهن، ترصد المؤلفة التحولات الحادة التي شهدها المجتمع المصري منذ عام 1926.
قصة سيدات عائلة سويدية، الجدّة الكبرى «رانهيلد»، وابنتها الجميلة «هيلدا»، التي تزوّجت قاضيًا وانتقلت معه إلى مصر حيث كان يعمل في المحاكم المختلطة، وذلك عام 1926، وتنقّلت معه ما بين المنصورة والقاهرة والإسكندرية، وأنجبت منه خلال تلك الفترة ابنتها «إنجريد»، قبل أن تعود العائلة بأفرادها الثلاثة إلى السويد مرة أخرى قبيل قيام ثورة يوليو وأحداثها المضطربة التي سبقتها وموجة العداء لكل ما هو أجنبي التي اجتاحت مصر وقتذاك والتي أدّت إلى مغادرة الكثير من الأجانب إلى بلادهم التي ربما لم يروها من قبل بسبب طول إقامتهم الطبيعية في مصر قبل ذلك، والحالة السياسية المتردية التي كانت تسير في ظلّها الأحزاب المصرية المتصارعة، وإغلاق المحاكم المختلطة في نهاية المطاف، فهاجرت الأسرة السويدية التي لم تستطع الاستمرار وسط هذا الجو المقبض، ثم تزوجت «إنجريد» رجلاً من بلادها، يعمل في السلك الدبلوماسي، وأنجبت منه ابنتها «آن» – صاحبة هذا الكتاب – ثم مرّت بها الحياة بعيدًا عن مصر وتتوفى الجدّة «هيلدا»، وتمضي الأحداث عند ذلك في تصوير عزلة مصر عن الغرب إبان حكم جمال عبد الناصر، وزيادة الفقر وتدهور قيم الأخلاق خلال ذلك ورحيل الجاليات الأجنبية واستشراء القبح والمباني الخراسانية الاشتراكية وانطفاء أكثر معالم القاهرة الجميلة في العشرينيات، ثم يأتي عام 1970 وتسمع عائلة إنجريد وهي في السويد عبر التليفزيون خبر وفاة عبد الناصر، فلا تتمالك «إنجريد» نفسها وتهتف: “أخيرًا!”،، فيقول زوجها لها: “ربما ستعود الديمقراطية إلى مصر الآن!”، وفي الكريسماس من تلك السنة يقررون زيارة مصر، لتستعيد الابنة «إنجريد» ذكريات طفولتها التي قضتها هناك، وكانت مصر وقتذاك تعيش في ظلال الحداد والنكسة والتي لما تتخلص منهما بعد في تلك السنوات الأولى من السبعينيات قبيل حرب أكتوبر، وكانت حالة البلاد تثير الأسى
“كنت أحيا أنا وأصدقائي المصريون حياة خالية من الهموم، كنا نذهب للسفر، والمعسكرات، والغطس، ونتقابل في النادي الرياضي في أوقات الفراغ حيث لا عمل ولا استذكار، مَن يريد التخلي عن مثل هذه الحياة التي حظيت بها في مصر؟، كنت أصارع من أجل البقاء في مصر، ولم يحظ غالبية المصريين بتلك الحياة الرغيدة التي نعمت بها أنا وأصدقائي المصريون، كانت الفجوة بين الطبقات تتزايد بمرور الوقت خاصة في ظل الانفتاح الاقتصادي ، والفساد الذي كان يتفاقم يومًا بعد يوم
قالت لي والدتي، مشيرة إلى أن أيامي في مصر أصبحت معدودة: نحن نعيش على قنبلة موقوتة!
لم أرد أن أستمع إلى مناقشات والدتي التي بدت كئيبة، كنت أغلق عيني وأسدّ أذني حتى لا أرى ولا أسمع شيئًا غير الذي أريد سماعه”