تحميل رواية ليلة القدر pdf الطاهر بنجلون
عندما تتشابك خيوط الضباب ..
و تنمحى روح الأعين فى غلالة من ذلك الفاصل المبهم بين الحياة و الموت لا نفقه عمّا بعدها ..
و لا نعبأ بما قبلها .. جلّ ما نقصده هو السواد .. و براءة الاشياء .. و النظرة الساذجة فى عمق
بدائيات الكون و النور و الأجسام إسترسالٌ لا ضير منه .. و لا ملاذ منه إمرأةٌ صاغها من راح
سكون قلبى ضحيّته .. منفعلاً متأججاً متطايراً مختلساً محراباً صغيراً إلى نافذةٍ أطلّت على جانب أخر
من واقع هذا العالم و تلك المجتمعات إمرأةٌ حُكِمتْ على جنون أبيها مع أول نفس وطأ رئتيها
الصغيرتين فى مهدها .. محاكمة سرّية كان أبيها قاضياً و جلّاداً و راعياً و زائراً .. و كأن القدر
يشهده من حيث لا يدرى حتى تحين ليلة القدر ليلةٌ أتت على ما قبلها من هويةٍ متنكّرة و زىٍّ واهى
لفتاة صاغها أبوها فى هيئة الولد .. الولد الذى تمناه قبل مولد خمساً من شقيقاتها لكن أتى على
شقيقة سادسة لينتحل جسدها و يستبيح حرمة كيانها و يُصيّرها طوال عشرين عاماً على خُطاً متوارية
لا تترك فى رمال المجتمع أثراً إلا لصبى منعّم قد ورث الكبر و استيهان الإهانة عن أبيه و ما لتلك
الليلة .. إلا أن تنظّف القلوب و تغسل الأرواح العفنة .. و قبل إنجلائها .. تنزع النقاب عن الخبث المتستّر
و تُسلم روح الأب إلى خالقها بعد أن فاضت بقبح ذنبها على مرأىً و مسمعٍ من محكمة أرضية كانت
الفتاة الصبى هى القاضى فى تلك المرة .. لكنّ القدر عافاها من دور الجلاّد إلى أين يقود القدر على
هدى اللا حياة .. إلى نبع تنبع منه رائحة الحرية . هي فنتازيا تنتقل بين الحلم و الحقيقة.