تحميل كتاب الوجود والعزاء pdf – سعيد ناشيد
تحميل كتاب الوجود والعزاء pdf – سعيد ناشيد إن دور الفيلسوف أن يساعدك على إعادة صياغة فكرتك بنحو يخدم قدرتك على عيش الحياة؛ لأن الأهم من معنى الحياة هو القدرة على عيش الحياة. هنا بالذات يكمن دور فلاسفة العيش، أولئك الذين قدّموا لنا الدروس عن الحياة الجيدة.
حياة جيدة هي حياة يكون فيها المرء قادرًا على عيش الحياة.
فالحياة ليست شعارات وأوهام الأفكار والعقائد الخلاصية. وكلما تخلصنا من النظرة السحرية للعالم ندرك أن في كل حب كبير كراهية تنفجر بين الفينة والأخرى، وتعلمنا أن في كل قوة عظيمة هشاشة قد تنكشف بنحو مفاجئ، كما يعلمنا التاريخ أن كل الثورات مغدورة في كشف الحساب النهائي.
لقد جعلتنا جائحة كوفيد 19 ننتبه إلى قيمة الحياة العادية البسيطة التي كانت لدينا، فقد فرض الحجر الصحي علينا أن نفقد أهم شروط السعادة التي هي في حوزتنا دون أن ننتبه إليها، وهي الحياة التي نسميها بالحياة العادية بكل ما تبدو عليه من رتابة وتفاهة أيضًا؛ الذهاب إلى العمل، المشي في الشارع أو في الحديثة، الثرثرة في المقهى، الذهاب إلى السوق، السفر إلخ.
هذا لعمري هو درس بليغ من دروس فلسفة العيش، يعلّمنا أن قدرنا أن نواجه الخيبة ونحوّلها إلى فرصة للتمرّن على عيش الحياة..
كتاب الوجود والعزاء – سعيد ناشيد
تمثل السلطة دوماً خطراً على الفلسفة، غير أن الخطر الأكبر هو حين تتحول الفلسفة إلى سلطة، حين تدّعي أنها ستحمي نفسها “ممن؟”، فيصبح لها بدورها حراس معبد يحذّرون وينذرون. فيا “حماة الديار” لا تخافوا على الفلسفة، دعوها تغادر أسوار الجامعات والأكاديميات، فلا يليق بها أن تحجروا عليها، ولا يليق بكم ذلك، دعوها تلتقي بجميع الناس كما ينبغي، دعوها تدخل إلى قصور الأباطرة وتنزل إلى أكواخ الفلاحين، فقد كان الفيلسوف الكبير ماركوس أوريليوس إمبراطوراً ينتمي إلى الأباطرة العظام الذين حكموا روما،
وكان الفيلسوف الكبير إبيكتيوس عبداً أعرج ينتمي إلى طبقة العبيد، ولم يزدها هذا وذاك إلا قوة ومناعة. دعوا الفلسفة تنزل إلى حضانة الأطفال، وإلى الجامعات الشعبية، وإلى المقاهي الفلسفية، تماماً كما بدأت تفعل هذه الأيام. دعوها تمضي إلى أبعد مدى ممكن وإلى حيث لا تتوقعون، فإنها لن تخسر أي شيء حين تهيم على وجه البسيطة وتلتقي بالبسطاء؛ من لم تنفعهم لن تفسدهم، ومن لم ينتفعوا بها لن يفسدوها. على أن الخاسر الأكبر من العملية هم الكهنة تحديداً، الذين قد يخسرون وصايتهم على عقول البسطاء، ولذلك لم يكن قتلة الفلاسفة سواهم. أما أنتم فلن تخسروا شيئاً، اللهم إن كنتم تمثلون نوعاً جديداً من الكهان، وهذا لا يليق بالمقام.”