تحميل رواية رسائل سقطت من ساعي البريد pdf – يوسف الدموكي
تحميل رواية رسائل سقطت من ساعي البريد pdf – يوسف الدموكي حين تكون الحقيبة المكتظة
بالأوراق على كتف الرجل..
أثقل من وزنه..
هذه ليست قصة ساعي البريد؛
وإنما قصة الرسائل.
لن أتحدث عن المعانى الإنسانية النبيلة ، ولا النظرة العميقة ، ولا اللغة الرشيقة السهلة ولا الصور الأدبية الجميلة .. سأترك كل هذا لأقول أنك لن ترى الناس بعد قراءة الكتاب كما كنت تراهم قبله ..
لمحت عينى شاب يلمع الأحذية فى أحد شوارع بيروت ، قفزت إلى ذهنى الصورة والكلمات .. الكتاب يصرخ فيه وجهك .. نحن أيضا بشر ، وإن كنا غير مرئيين .. لكل منا قصة ، وحكاية ، وقلب، وأفكار ..
ليس أى منا رقما أو كائنا مجهولا ، بل نحن أيضا مثلك ..
حقيقة نتجاهلها أحيانا ونهرب منها كثيرا ..
سلمت يدا يوسف ، وجزاه الله خيرا عن كل ضعيف تحدث على لسانه
أتعلم كيف تُنبش القبور، ويُستخرج كل ما دُفن فيها ويُعرض على السطح؟
خيباتنا التي وضعنا عليها التراب وسقطت من ذاكرتنا عمداً.يخرجها الكاتب ويغمسها في الحبر وينثرها على الأوراق.
إن كان كتف الساعي لم يحتملها فكيف لقلوب أصحاب الرسائل أن تَكِن كل هذا!
يستعرض الأيام التي نهرب من ذكرها، نفر منها فراراً، نغلق كل الأبواب ونوصد النوافذ خشية أن يذكرنا أحد بها، فجاء هو بهدوء فتح الأبواب وخلع النوافذ ووضعنا وجهاً لوجه أمامها.
أتذكر العشرين؟ افتح بنموت؟
طيب أتذكر الأربعة وسبعين؟ الأحمر الذي طغى يومها؟
يوم فُجع أجدادنا في النكسة؟
يوم سكنت رصاصة في قلب عزيز علينا؟ يوم قُتل الحلم؟
قطر الصعيد؟
أنت تقرأ وتعلم نهاية الرسائل تتمنى لو أنها تتغير، أن لا يُقتل العيال. لكن النهاية ثابتة لا تتغير وتضحك بوجهك البائس، الزمن لا يتغير يا مسكين.
وضع عدسة مُكبرة على الأشخاص الذين نراهم ونتجاهلهم، كتب رسائل على ألسنتهم، يصرخون في وجوهنا الجامدة أن ننظر لهم أن نرحمهم أن نلتفت!
رسائلهم لا تقول سوى شيء واحد: يا سيدي والله كل الأكتاف تستحق أن يُربت عليها وكل القلوب تستحق أن تُرحم وكل الناس يستحقون أن يُلتفت إليهم.
والذين على بوابات الطائرات ماذا في رسائلهم؟ أيكتبون لنا أن نتبعهم أم يصرخون بنا ألا نفعل؟
وصديقي شديد الانطواء لم أكن أعلم أن بداخله تتزاحم كل هذه الكلمات، بيانها في قلبه ولا ينطق بها لسانه!