تحميل كتاب قصص من الحياة pdf – علي الطنطاوي
تحميل كتاب قصص من الحياة pdf – علي الطنطاوي
وهذه قصصٌ من الحياة، سماها مؤلفها ايضا لأن الحياة ألّفتها. وهل تؤلف الحياة قصصاً؟ نعم (مثلما يقول في
الصدارة): “إن الحياة تؤلف قصصاً يعجز أبرع أهل الفن عن توهُّم مثلها، إلا أنها لا تذيع “مؤلفاتها” ولا تنشر عنها،
فتبقى “مخطوطة” مخبوءة لا يبلغ إليها ولا يقرؤها سوى رجل حديد النظر، طويل اليد، صاحب جَلَدٍ على البحث
وتحملٍ على التعدين. ولست ذاك الرجل، ولا أنا من عشّاق المخطوطات وروّاد المباحث، غير أن الأيام ألقت تلك
الحكاية في طريقي فوجدتها مطويَّةً في دفاتر محكمة من المحاكم، مقطَّعةَ الأوصال، مفرَّقةَ الأجزاء، فألصقتُ أوصالها وجمعتُ أجزاءها، ونشرتها في “الرسالة” وما لي فيها سوى الحكاية”.
ومما يلاحَظ في تلك الأقاصيص أن أكثرها قصير؛ فهي لا تكاد تمر الصفحات العشر طولاً، وعديد منها في حواجز
الخمس أو الست الصفحات، ماعدا واحدة تُجاوز الثلاثين. ذلك من إذ المظهر، أما من إذ المحتوى فيجمع أكثرَها
أنها تعالج مشاكل اجتماعية أو أخلاقية. ففي أول حكايات الكتاب، “اليتيمان”، تصوير مُجدي لواحدة من
المشاكل الدارجة بين الناس: القرينة الثانية التي شكوى أولاد قرينها -من قرينته الماضية- وتنسى أن في
الكون عدلاً وبعد الوفاة حساباً وفي يوم القيامة جنة للمحسنين وناراً للظالمين. وفي حكاية “الكأس الأولى”
نتعرف إلى عبد المؤمن أفندي، وهو شرطي طفيف يعمل في مخفر بقرية ضئيلة قرب الشام، راتبه الشهري
مئة ليرة لا تكاد تكفيه وأسرتَه الضئيلة لضرورات الحياة، إضافةً إلى كمالياتها. ثم تأتيه الإمكانية ليحصل على
مرتب مئة شهر في ضربة واحدة، غير أنها انتصر محرم وهو لم يمدَّ إلى الحرام يداً طَوال 40 عاماً، فماذا سيفعل حاليا؟